كتبها: علي أحمد الكندي المرر
لقد عاش والدي رحمه الله في بادية الظفرة، مرة بين رمالها ومرة في محاضرها، وكان يسكن مع أهله في محضر عتاب في ليوا، ذلك المحضر الذي كانت له فيه ذكريات جميلة، فكم سمعت منه وهو يحكي لي عن الأماكن التي كان يلعب فيها مع أصدقائه، والتلال التي كانوا يسهرون فوقها، والطرقات التي كانوا يسلكونها وهم يرتحلون الجمال، وقد قال والدي في ليوا:
جو اليوا من جو لبنان لا من سهام ولا رطوبه
إن شفت م الدكتور نقصان سر له وتشفى من هبوبه
له رستةٍ ما بين نقيان سهله وما فيها صعوبه
وإن كنت مستانس وطربان لابد يوم اتسير صوبه
هذا الفضل م اللي لهم شان سفطان والخط اعتنوبه
قال هذه القصيدة لما انتهت الشركات من عمل طريق الاسفلت من مدينة زايد إلى ليوا، والذي أمر به صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله، وقوله: والخط اعتنوبه، يقصد الشارع اعتنوا به وجعلوه سالكاً معبداً للناس.
وأذكر في يومٍ من الأيام كنا ذاهبين إلى ليوا فلما وصلنا مزيرعة من ثم اتجهنا شرقاً إلى عتاب، قال لي والدي ونحن مازلنا في الطريق: كنا نذهب إلى عتاب من ذلك الطريق، وأشار بيده إلى جهة الجنوب من الطريق الحالي، وقال: كنا ندخل عتاب من جهة الغرب؛ لأن طريق الدخول والخروج من عتاب كان في تلك الناحية، وكان على ذلك الطريق يوجد غيط نخل اسمه (الطريج) يعني الطريق، وهو ملك لجدنا القاضي علي بن سالم بوملحى المرر، الذي يقول فيه:
اللي يبغي ايماري يسرح صوب الطريج
قبل يغيب لجماري يوم الجايع شفيج
وقال والدي كذلك: كنت مع عبيد بين كنيش الهاملي على ظهور الجمال خارجين من محضر ظفير إلى عتاب فأتينا من هذا الطريق.
فنظرت إلى وجه والدي وهو يحكي لي عن ذكرياته، وقد بدت عليه الحزونة، فظننت أنه سيبكي، ولكنه استمر في الكلام عن الماضي الذي ذهب بأيامه ولم تبقَ منه إلا الذكريات.
وللكلام بقية ....